رسائل ذو القعدة 1435

21 Agustus 2014 Label:
رسائل ذو القعدة 1435

لا تعجل عند قراءة القرآن، وتلذذ بخطاب ربك لك، وذكر الزهري أن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت آية آية وهذا هو الأفضل الوقوف على رؤوس الآيات، وكان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ،وقام بآية يرددها حتى الصباح، فتأن تتدبر.

*****

دلت الإحصاءات على أن الإثابة الاجتماعية للطفل كالقبلة والمديح والمعانقة تأتي في المرتبة الأولى في تعزيز سلوك الطفل المرغوب بينما تأتي المكافأة المادية في المرتبة الثانية، وهذا ما تقف عليه كثيرا في تعامل رسول الله عليه الصلاة والسلام مع الأطفال، لقد دعا لابن عباس حين وضع له وضوءه بقوله: (اللهم فقهه في الدين)، فلنلتفت للإثابة الاجتماعية في سلوكياتنا مع الأطفال.


*****

(كان صلى الله عليه وسلم يدعو لمن تقرب إليه بما يحب، وبما يناسب، فلما دعمه أبو قتادة في مسيره بالليل لما مال عن راحلته قال: "حفظك الله بما حفظت به نبيه" وقال: "من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء" واستقرض من عبد الله بن أبي ربيعة مالا ثم وفاه إياه وقال: "بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الحمد والأداء" ولما أراحه جرير بن عبد الله البجلي من ذي الخلصة: صنم دوس برك على خيل قبيلته أحمس ورجالها خمس مرات) زاد المعاد.

*****

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم من الفزع كلمات :
أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ، وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه ومن لم يعقل.صحيح الكلم الطيب.

*****

في اليوم الثاني من ذي القعدة يستحضر المرء قول الله (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) والأشهر الحرم: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، اختارهن الله بزيادة تعظيم الحرمة، فالإثم فيهن أبلغ وأعظم، فإن لم تكن فيهن مقبلا على طاعة فلا تتلبس معصية. ابن كثير

*****

إن أول ما تحتاجه الأسرة من أجل تنشئة جيل ناجح،هو الاعتقاد بأن التربية لا تتحقق من غير اكتساب معرفة تربوية جيدة،لأن تربية الإنسان لا تتم على نحو تلقائي كما تتم تربية الحيوان في البراري،ما أجمل أن تقتني الأم كتبا جيدة عن التربية حين تبذل جهدها ومالها استعدادا لاستقبال المولود الجديد.

*****

من العظماء من يشعر المرء في حضرته أنه صغير، ولكن العظيم بحق هو من يشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء، حكمة يلتمسها الباحث في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحسب من خالطه أنه أحب الناس إليه؛ لما يرى من لطفه به، وقربه منه، وإقباله عليه، واهتمامه بأمره، وتضحيته له، وبذل إحسانه إليه.

*****

حينما يتحول المنصب من أمانة ومسؤولية إلى مغرم يحصد الإنسان من ورائه المكتسبات فاعلم أن الساعة قريب، لأن الفوضى مؤشر على قرب قيامها، وفي البخاري: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".

*****

لقد جمعت ابنة شعيب في تعليلها المختصر لأبيها لاستئجار موسى ـ عليه السلام ـ بين أمرين عظيمين ينضوي تحتهما معظم الكمالات الإنسانية: الأمانة والقوة، فكملها في نفسك: "إن خير من استأجرت القوي الأمين".

*****

من أطاع الواشي ضيع الصديق ، وليس من الحكمة أن تصغي لما يغير قلبك على أصحابك وأحبابك، وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر".

*****

الجزع عند المصيبة مصيبة أخرى، بها يفوت الأجر ويحصل الوزر، وفي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب " والمعنى : تلبس يوم القيامة قميص من رصاص مذاب، وتحته درع من جرب ليكون أشد في العذاب، فاحذر.

*****

ذوو النفوس الدنيئة يجدون اللذة في التفتيش عن أخطاء العظماء، فلا تكن منهم.

*****

(الحاسد شخص واهن العزم، كليل اليد، جاهل بربه وبسننه فى كونه، ذلك أنه لما فاته الخير لأمر ما، تحول يكيد للناجحين! وكان أجدى عليه أن يتحول إلى ربه، يسأله من فضله، فإن خزائنه ليست حكرا على واحد بعينه، ثم يستأنف السعي في الحياة بعدئذ، فلعل ما عجز عنه في البداية يدركه ثانية، إن هذا لا ريب أشرف من الضغينة على الآخرين)الغزالي.

*****

خصلتان لا تذكرهما أبدا : إحسانك إلى الناس ، وإساءة الناس إليك ، تعش سعيدا سليم القلب، ترجو نفع الآخرة (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).

*****

الاستثمار منهج إسلامي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث الحسن: (من باع دارا ولم يجعل ثمنها في مثلها ؛ لم يبارك له فيها)السلسلة الصحيحة، قال الفضل بن زياد القطان: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أقل بركة بيع العقار إذا بيع.بدائع الفوائد لابن القيم.

*****

قال الحسن البصري قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن الله قدر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأت في موضع واحد (( الشيطان يعدكم الفقر ))، فشككنا في قول الصادق في تسعين موضعا ، وصدقنا قول الكاذب في موضع واحد.

*****

مهما عظم الأمر استعن بالله عليه، لأن معونة الله تنزل على قدر المؤونة، وفي الحديث الحسن:" إن المعونة تأتي من الله على قدر المؤنة، وإن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء)الصحيحة، ولمست هذا فيمن يتحمل نفع المسلمين، تأتي إعانة الله له بأكثر مما يتحمل.

*****

أمة سورة الحديد لا تملك صناعته، وأمة سورة النصر لم تتعرف على مفاتيحه، وأمة سورة القيامة لم تعمل لها، وأمة سورة الكهف لم ترسم منهجها في الفتن، دعنا نتأمل في أسماء سور القرآن التي تحمل معان عظام.

*****

ابحث عن العلم، لأن العلم لن يبحث عنك، وعليك بإرث الأنبياء الذين لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما ورثوا العلم من أخذه أخذ بحظ وافر.

*****

إذا فتح الله عليك باب رزق أيا كان: علما أو مالا أو جاها، فلا تغلقه في وجه محتاج، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لله أقواما يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم" حديث حسن،الصحيحة.

*****

أدركت أن رزقي في السماء لن يصل أحد إليه ليمنعه، وأن قدري بيد الله لن يستطيع أحد أن يبدله، وأنك بقدر ما تزهد فيما بين يد الناس يحبونك، فزهدت فيما بين أيديهم، ورغبت بما في يد الكريم سبحانه، فكيف بك؟.

*****

لا يزال العاقل يفكر في كلامه قبل أن يخرجه، ويحذر أن يتكلم بكلمة يعتذر منها، ملتزما بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له: "صل صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وآيس مما في أيدي الناس تعش غنيا، وإياك وما يعتذر منه" الصحيحة.

*****

الإحساس الداخلي بالعظمة المؤدية إلى الكبر سبب من أسباب غضب الرب جل جلاله، وفي الحديث الصحيح: "من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان" الصحيحة.

*****

بقدر استجابتك لربك ينكشف غمك، ها هو يونس عليه السلام مازال مسبحا مستغفرا حتى نجاه الله: "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" وأيوب صبر على أمر ربه واستجاب له؛ والنتيجة: "فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين"

*****

النظرة المادية المحضة هي سبب كفر الأمم السابقة، لأنهم يطلبون لكل جزء يدعون إليه علامة محسوسة حتى يقتنعوا، تأمل (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب...) فاحذر النظرة المادية المحضة.

*****

من النقد ما يلتفت إليه لأنه يبنيك، ومنه ما يلتفت عنه لأنه من حاسد يريد أن يؤذيك، فميز بينهما.

*****

حين يقرأ المسلم (اهدنا الصراط المستقيم) في كل ركعة، يستشعر مكانة الاستقامة على أمر الله، التي تحتاج إلى نوع من الكفاح المستمر والمجاهدة الدائمة تجعل المسلم في صلاته يسألها ربه، ولا سيما أننا نعيش في ظروف صعبة وحرجة. فاقرأ السورة من قلبك لا لسانك فحسب.

*****

السيادة في الدنيا والسعادة في العُقبى لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب.ابن القيم

*****

الحق يحتاج إلى رجلين رجل ينطق به ورجل يفهمه، هذا ما تقف عليه في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر: "نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه ؛ فرب مبلغ أوعى من سامع"صحيح الترغيب.

*****

من الأمثال القديمة: إذا شككت لا تقل ، وإذا قلت لا تخف، تأمل وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين استوصاه، فقال له: "قل الحق وإن كان مرا. قال: زدني يا رسول الله. قال: لا تخف في الله لومة لائم"صحيح الترغيب.

*****

لا تثقل يومك بهموم غدك، فقد لا تجيء هموم غدك وتكون قد انحرمت سرور يومك، وأحسن الظن بربك لأنه عند ظن عبده به.

*****

من لم يعش سليم القلب لم يخل من نقيصتين: تتبع الزلات، والغيبة، تأمل حديث ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فنادى بصوت رفيع، فقال: "يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" ونظر ابن عمر إلى الكعبة، فقال: ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.صحيح سنن الترمذي

*****

المسلم إن رأى من أخيه خيرا أذاعه، وإن وقف على سوءة سترها ونصح لأخيه فيها لا سيما إن لم يكن معروفا بشر، وجاء قوم إلى عقبة بن عامر، فقالوا: إن لنا جيراناً يشربون ويفعلون ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من رأى من مسلم عورة فسترها، كان كمن أحيا موؤدة من قبرها" أخرجه الحاكم، وقال:"صحيح الإسناد"ووافقه الذهبي.

*****

جلس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما أشرف من الآخر، فعطس الشريف منهما، فلم يحمد الله، ولم يشمته، وعطس الآخر فحمد الله، فشمّته النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الشريف: عطست عندك فلم تشمّتني، وعطس هذا الآخر فشمّته! فقال: "إن هذا ذكر الله فذكرته، وأنت نسيت الله فنسيتُك"صحيح الأدب المفرد.

*****

مهما كان الممدوح جديرا بالثناء فإن المبالغة فى إطرائه ضرب من الكذب المحرم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمادحيه : "لا تطرونى كما أطرت النصارى ابن مريم ! فإنما أنا عبد ، فقولوا: عبد الله ورسوله".

*****

أكبر الخيانة أن تحدث غيرك بحديث يصدقك فيه، وأنت تكذب عليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب" سنن أبي داود(4971).

*****

(أجمع العلماء على أن قوله تعالى : "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" قد جمعت الطب كله) القرطبي.

*****

يمتلك المعلم أعظم مهنة: إذ تتخرّج على يديه جميع المهن الأخرى.

*****

كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر، إلا المصيبة فإنها تبدأ كبيرة ثم تصغر ، فتصبر، وتأمل (وبشر الصابرين).

*****

المتسلق الجيد يركز على هدفه ولا ينظر إلى الأسفل، حيث المخاطر التي تشتت الذهن، وستنسيه حلاوة الوصول مشقة الطريق، فواصل.

*****

إذا ضاعف صاحب الأجر أجره كان على العامل أن يتقن عمله، لأن سيده قد بالغ في إكرامه، ألا تستشعر ذلك في صلاتك فتحسنها، لأن أجر الواحدة بعشر، تأمل الحديث الصحيح: "فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الصلوات خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين"صحيح سنن الترمذي.

*****

يحب الإسلام من أفراده الانتظام والجماعة، ويكره لهم الفوضى والشذوذ، يلحظ هذا المعنى المتأمل لأحاديث تسوية الصفوف، وفي حديث وابصة بن معبد أن رجلا صلى خلف الصف وحده، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة.صحيح سنن الترمذي.

*****

(إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر)حديث صحيح قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مُر عليه بجنازتين أثنى الناس على الأولى خيرا، وعلى الثانية شرا. الصحيحة (1649)

*****

والناس يعيشون فرحة مقتل القذافي لا ينبغي أن تتجاوز الفرحة حدها إلى السب والشتم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء" نسأل الله كما جمع قلوب أهل ليبيا على مقتل القذافي أن يجمع قلوبهم بعد مقتله على بناء بلدهم.

*****

ألم يلفت نظرك أثناء قراءة سورة الكهف تباين مواقف الناس من الدنيا وتمايز صفوفهم، إنها الفتنة: فتية لم يغتروا بزينة الشباب والأهل والسلطان وهجروها لوجه الله، وصاحب جنتين يزداد أشرا وبطرا، وصاحبه يحاوره ناصحا، ثم تأتي الآية الحاسمة بعد القصتين في ذكر حقيقة الدنيا: "واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء..".

*****

يستوقف المسلم في قصة الكهف إيجابية ذي القرنين ذاك الرجل الذي مكن الله له في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا، فكان دائم الحمد لربه على ما أولاه من النعم وأسداه من الكرم ، ووظف هذه النعم في نشر الحق والفضيلة في أرجاء الأرض، ماذا عنك؟

******

الأضحية شعيرةٌ من شعائر الله واجبٌ تعظيمها كما قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) وسنة من سنن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينبغي إحياؤها، وملة أبينا إبراهيم، واختلف أهل العلم في حكمها: وجمهور العلماء على أنها سنة، واختار ابن تيمية وجوبها، وأقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحي، وفي الحديث الحسن: "من وجد سعة لأن يضحي فلم يضح فلا يحضر مصلانا" صحيح الترغيب، فإن كان لديك سعة فانحر وتقرب.

*****

قال ابن العربي المالكي: (ليس في فضل الأضحية حديث صحيح، وقد روى الناس فيها عجائب لم تصح) فاجعلها قاعدة في كل حديث ورد في فضل الأضحية، كحديث الترمذي الضعيف: "إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا" الضعيفة، وعلى هذا الحديث قس.

*****

(الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له.
والأضحية عن الأموات ثلاثة أقسام:
الأول: أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات، وأصل هذا تضحية النبي صلى الله عليه وسلّم عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل.
الثاني: أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها.
الثالث: أن يضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء فهذه جائزة، وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به قياساً على الصدقة عنه، ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه، فلم يضح عن عمه حمزة وهو من أعز أقاربه عنده، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته، وهم ثلاث بنات متزوجات، وثلاثة أبناء صغار، ولا عن زوجته خديجة)ابن عثيمين.

*****

(ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن ذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلّم والمسلمين معه؛ ولأن الذبح من شعائر الله تعالى، فلو عدل الناس عنه إلى الصدقة لتعطلت تلك الشعيرة، ولو كانت الصدقة بثمن الأضحية أفضل من ذبح الأضحية لبينه النبي لأمته بقوله أو فعله، لأنه لم يكن يدع بيان الخير للأمة، بل لو كانت الصدقة مساوية للأضحية لبينه أيضاً لأنه أسهل من عناء الأضحية ولم يكن صلى الله عليه وسلّم ليدع بيان الأسهل لأمته مع مساواته للأصعب)ابن عثيمين.

*****

تجزئ الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل، ويدخل في ثوابها أهل بيته ومن شاء من المسلمين؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها: "يا عائشة هلمي المدية (أي:السكين) ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، وقال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ومن أمة محمد ثم ضحى به" رواه مسلم. يقول ابن عثيمين-رحمه الله-: "ولا تجزئ الواحدة من الغنم عن شخصين فأكثر يشتريانها فيضحيان بها، وهذا في غير الاشتراك في الثواب، فقد ورد التشريك فيه بدون حصر" أحكام الأضحية.

*****

(إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله، أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وفي لفظ: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره". رواه أحمد ومسلم، وفي لفظ:"فلا يمس من شعره ولا بشره شيئاً" وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية، وليس المعنى تمشيط الشعر وإنما المعنى القص والنتف) ابن عثيمين-رحمه الله- بتصرف.

*****

ستتجمل بقاع مكة في الأيام المقبلة بضيوف الرحمن الذين أتوا بيته حجاجا ومعتمرين، فإذا حال بينك وبين الحج حائل، تذكر أن لك مثل أجر الحاج إن كفلته ،أو خلفته في أهله بخير، وفي الحديث الصحيح (من جهز غازيا أو جهز حاجا أو خلفه في أهله أو فطر صائما كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء) صحيح الترغيب، فهلا استشعرت وأنت تدفع كفالة حاج، أو تقوم على حاجات أهله، أن لك أجر من طاف وسعى ووقف بعرفة ورمى، تقبل الله عملك.

*****

إذا تاقت نفسك للحج، ولم يُكتب لك، فإليك أحاديث لها فضله،
-(من صلى صلاة الصبح في جماعة ثم ثبت حتى يسبح لله سبحة الضحى كان له كأجر حاج ومعتمر تاما له حجه وعمرته)حديث حسن، والحديث وإن نص على صلاة الجماعة، لكن فضل الله واسع
-(من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته) صحيح، ويدخل في الحديث حضور أي مجلس ذكر.
-(من جهز غازيا أو جهز حاجا أو خلفه في أهله أو فطر صائما كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء)صحيح.

*****

التجارة الرابحة لم يبق على موسمها سوى أيام معدودة، فيها يتضاعف العمل، ويزداد الأجر،هي أفضل أيام الدنيا عند ربنا سبحانه، وفي الحديث الصحيح: "أفضل أيام الدنيا العشرـ يعني:عشر ذي الحجةـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب" وفي لفظ: "ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة" صحيح الترغيب، فلنحسن استقبالها بنية صادقة لاستثمارها، لأن المؤمن يبلغ بنيته ما لا يبلغ بعمله، يقول ابن حجر: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيرها.

*****

اختلف أهل العلم في صيام عشر ذي الحجة، فمن استحب صيامها استدل بحديث حفصة: "كان لا يدع ثلاثا: صيام العشر .." ومن لم يقل بصيامها استدل بحديث عائشة "ما رأيت رسول الله صائما في العشر قط" وجمع بينهما الشيخ ابن باز، فقال: (وقد دل على فضل العمل الصالح في أيام العشر حديث ابن عباس "ما من أيام العمل الصالح.." وصومها من العمل الصالح فيتضح من ذلك استحباب صومها في حديث ابن عباس، وما جاء في معناه وهذا يتأيد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطراب، ويكون الجمع بينهما على تقدير صحة حديث حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته).

*****

أفضل الأعمال التي نستقبل بها العشر كثرة الذكر، وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل" وتأمل كيف نص على الذكر بعد عموم العمل ليؤكد على مزيد فضله، ولأنه من طاب قوله جزما سيطيب فعله، والله يقول (اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم(.

*****

انتشر في رسائل الجوال قول ينسب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام (في أول يوم من ذي الحجة غفر الله لآدم..) ولم يرد هذا القول في أي كتاب من كتب السنة المعتمدة، وإنما أورده الخوبري في كتابه (درة الناصحين في الوعظ والإرشاد) وهذا الكتاب حذر الشيخ ابن باز من القراءة فيه، لامتلائه بالأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها، فمن المسؤول عن نشر مثل هذه الأحاديث المكذوبة والتي لا أصل لها ؟!

0 komentar:

Posting Komentar

Wa Tawaashou Bil Haqqi Wa Tawaashou Bisshobri !

 
.::_Alumni STIBA Makassar_::.
© Sekretariat : Jl. Inspeksi PAM Manggala Makassar 90234 HP. (085 236 498 102) E-mail:alumni.stiba.mks@gmail.com |(5M) |Mu'min |Mushlih |Mujahid |Muta'awin |Mutqin